الخميس، 29 أغسطس 2013

لوركـــا


   ولد فيديريكو غارثيا لوركا في الخامس من يونيو 1898 لوالدين إسبانيين في منطقة فيونيت فاغودس في غرناطة،
 كان والده مزارعاً ثرياً، وأمه معلمة، أخذت على عاتقها تعليمه النطق والكلام، لأنه وجد فيهما صعوبة في أول حياته،
 كما أنه لم يستطع المشي حتى الرابعة من عمره بسبب مرض خطير أصابه عقب الولادة، وكان سببا لعدم استطاعته
 مشاركة الصغار ألعابهم، فنمت قواه التخيلية وأحاسيسه، فراح يعبر عن نفسه بصنع عالم خاص به من المسرح 
ومسرح العرائس والاستعراضات، ويُسقط على دُماه شخصيات خدم الأسرة المسنين وإخوته الصغار.كما استطاع
أن يدندن الألحان الشائعة قبل أن يحسن النطق، وأخذ عن الخدم المسنين الحكايا والأغاني الشعبية.
 ويتحدث جيلر مودي تورا عن تمثُّل لوركا للأغاني الشعبية وإعادة خلقها قائلاً:
  «إنه يغنيها، يحلم بها ويعيد كشفها، وبكلمة واحدة يحيلها إلى شعر.»
    وصل فيديريكو إلى غرناطة في 14 يوليو 1936، أي قبل أيام قليلة من البداية الرسمية لانقلاب الجنرال فرانكو.
ذهب عند أهله في ضيعة سان فيثنتي، لكن النبأ سرعان ما انتشر بين الناس بواسطة الصحافة المحلية ليحيط الجميع
علما بأنه عاد إلى مسقط رأسه.
   بعد سقوط حامية إشبيلية، سقطت في 20 يوليو حامية غرناطة بدورها في يد الانقلابيين، ولم يلبث أن ألقي القبض
على صهر فيديريكو مانويل فيرنانديث مونتيسينوس زوج شقيقته الصغرى كونشا وعمدة غرناطة بالوكالة. أقيمت بعض
المتاريس العبثية في الأحياء العليا للمدينة، لكن ذلك كان دون طائل؛ إذ لم تلبث أن سقطت المدينة نهائيا يوم 23 يوليو.
   قام لوركا يوم 18 يوليو رغم الخوف الذي كان يشعر به بزيارة صهره في السجن. وبعد ورود بلاغ مجهول ضذه، تم في
16 أغسطس القبض عليه في منزل أحد أصدقائه، وهو الشاعر لويس روزاليس، الذي حصل على وعد من السلطات
الوطنية التي وعدت فيها بإطلاق صراح لوركا "إذا لم تكن هناك أي شكوى ضده ". تم إعطاء أمر تنفيذ الإعدام من قبل
الحاكم المدني لغرناطة، خوسيه فالديز غوزمان، الذي كان قد أمر سابقا النائب رامون رويز ألونسو اعتقال الشاعر.
   وأُعدم لوركا رمياً بالرصاص في 19 أغسطس 1936، بتهمة كونه جمهوري. في الأيام الأولى من الحرب الأهلية
الإسبانية، وقد جرى إعدامه كما يظن في الطريق بين فيثنار وألفاكار، على التلال القريبة من غرناطة. 

ولكن جسده كما تنبأ في أحدى قصائده، لم يعثر عليه:
وعرفت انني قتلت
وبحثوا عن جثتي في المقاهي والمدافن والكنائس
فتحوا البراميل والخزائن
سرقوا ثلاث جثث
ونزعوا اسنانهم الذهبية
ولكنهم لم يجدوني قط
( عن الويكيبيديا )

السبت، 24 أغسطس 2013

الجمالي والفاجع


الجماليّ والفاجع (حدث في العامرية)

ما لايمكن تصديقه!

   كيف للعمل الفني ان يقارب الفاجعة؟سؤال إشكاليّ كبير، فالعمل الجمالي يلاحق الموضوع الجميل وتفاصيله. ولكن الموضوع إن كان مأساةً بحجم الفاجعة المنقضّة على الوجود الإنساني، تعصف به وتمحو شرط وجوده، تسحق الحياة ذاتها، فكيف للفن أن يحيا وهو يسجّل لحظات موت مرعب؟يحيل المكان الى كومة انقـاض، ويكثّف الزمان في لحظة كارثة، حدّ احتجاب أيّة رؤيةٍ وإمتناع أي قولٍ، ولا يشيع في الفضاء سوى النحيب والاختناق وانقطاع النفَس. كيف للإبداع الفني أنْ يكون امام هذا الانكسار والانمحاء الكامل لكل مظاهر الحياة، كيف ينتقي الفنان مفردةً، ويلتقط لقطةً، ويختارنغماً، وكيف يحبس حزنه وشهْقة ألمهِ، ليحيله إبداعاً.أمام كل هذا الدمار الناعق وجنون الموت((الصناعي))الذي ابتكرته الحياة الحديثة. أنه((الإحراج))الأعظم الذي يواجه الفنان، ولكنه لنْ يسمح للصمت وللموت أن يمنعا أبداعه. فالفن ليس حياتاً للفنان فحسب، إنّما هو نُصْبٌ خالدٌ وعلامة أنسانية لابـدّ من نَصْبها حيثما حلّت الشعوب أو مرّت. انه ذكرى وذاكرة الكلّ البشري، وليس خيارا فردياً للفنان.وها هو الفنان والموسيقار العراقي(نصير شمّه) امام امتحان تجسيدٍ فنيٍّ لمحنة شعبه في ليلٍ ألْيَلِ من ليالي بغداد خلال حرب الخليج الثانية، إنّها ليلة ملجأ العامرية الفاجعة في 13-2-1991.
   يبدأ الفنان بتنويعات نغميةٍ عذبةٍ عذوبةَ الحياة وإيقاعها، رغم ما تحفل به من عذابات ومن مشقّات، ويسترسل ببثّ انغامه اللذيذة، فننصت باسترخاء لايخلو من توجّس وارتباك يطال إيقاع الحياة العادية، فثمة ضربات تعلو ووجيب غامض يُسَرِّع نبض القلب. وفجأة يتعكّر الصفو، بصوت الرعب صوت صافرة الإنذار، نذير شؤم وتوقّع كارثة مقبلة. يعقب الصفيرالنائح تسارع اللحن بقلق ما قبل انفتاح الجحيم، اقدام تتقافز واجسام تتدافع وانفاس تتقطّع ودقات القلب تدوّي، لقد القيت كرة النار من طائر الموت واخترقت ما كانوا يظنّونه ملاذهم وملجأهم، الصراخ والآهات والأنّات كل ذلك يمكن تخيّله منفلتاً من بين أصابع الفنان، وصوت نشيش النار وهي تشوي الأجساد، وقوة التفجّر وهي تطبع الخلايا على الجدران الكونكريتية، الجدران التي يُفترض انّها كانت حاجزاً ضد القصف، صارت عائقاً يحول دون الهرب من هذا الفرن الذي تُشوى فيه الأجساد.. تقطّعت الأوصال وتفحّمت الأشلاء وانطبعت بقايا الأجساد بفعل العصف على الجدران. لن يقوى الا إله ٌعلى تمثّـل الهول الذي كان.. قبل انطفاء الحياة في ملجأ العامرية في 13-2-1991. وبعد ذلك تحلّ لحظة الصمت، اللحظة التي تفصل الأموات عن الاحياء، وتبدأ أنغام أخرى لن تكون كما كانت، إيقاع خافت، بطيء، متقطّع، إيقاعُ مَنْ يستيقظ من كابوس مروّع. أنْ تعرف بما جرى فذلك أمر، ولكن أنْ تصدّقه وتتقبله كواقع أكيد ومبرّر فهـذا أمرٌ أشبه بالمستحيل. ولن يستطيع الأحياء الذين فقدوا احبّتهم ان يستعيدوا نبض حياتهم المعتاد، إلاّ وهم يرفعـون وجوههم الغارقة بالدموع صوب السماء. أنغام تراتيل جنائزية، مشبعة بآهات الكائن البشري المقهور وبين الوجع والسلوى يتعثّر الفهم، ويتعذّر النوم بلا كوابيس، ويمتنع أي عذر لتبرير القتل وتمضي الموسيقى الى نهايتها بلحن جنائزي، يرافق الأموات الى مثواهم الأخير وممارسة طقوس الدفن. وبعد الدفن وفصل الأحزان، تستعيد الحياة إيقاعها، ولكن ليس الإيقاع ذاته فالنفوس قد تشبّعت بأحزان جديدة.  ويسألون العراقي لِمَ كلُّ هذا الحزن والآهات في اغانيكم؟! هذا بلد تمرّغ بأحزانه منذ بدئه حتى... لقد اجاد الفنان نصير شمّه بتأليفه، وابدع بمهارة عزفه، وخلّد لحظة حزينة من تاريخ شعبه. ولكلّ الشعوب لحظات مماثلة، ولكن المفارقة الفاجعة هي أن الكوارث المماثلة للشعـوب، كان القتلة هم الذين يقومون بتسديد تكاليفها، أمّا العراقيون فقد قاموا بأنفسهم وبأموالهم بتشييد أفران موتهم ومواضع قتلهم! وهم يظنّونها ملاجئ تقيهم رعب الموت المحلّق. ما أمهرك أيها الفنان، أهي أوتار عودك التي تعزف؟ أم أوتار قلب مشدود بالألم، وروح مفجوعة؟ 
                             
                                                       13-2-2013

السبت، 17 أغسطس 2013

روسيني بعود نصير شمه!





يا ترى كيف يلتقي الموسيقار نصير شمة بعوده مع حلاق اشبيلية للموسيقار روسيني ؟ فلنستمتع بالمهارة والطرافة التي تنجم عن لقاء غير متوقع كهذا!

الشجرة القتيلة - جواد سليم



    
   
مَنْ يتأمّل لوحة الفنان العراقي المبدع جواد سليم (الشجرة القتيلة)، لايملك إلاّ أنْ يتأسّى لفداحة ما تتعرّض له الشجرة من عنف بشري. الشجرة التي رافقت البشر في وجودهم ووفّرت لهم الثمر والسكن والظلال بلا كلل، وبالرغم من ذلك لمْ تَسْلمْ من أذاهم وعنفهم. واللوحة ليست مؤثّرةً بموضوعها فحسبْ، ولكن بأسلوبها الذي يعتمد رشاقة الخط ورهافة اللون والاقتصاد بهما الى اقصى حد، مما يجعل ذهن المتلّقي منصبّا على التمعّن في الموضوع، فلا ينصرف عنه الى التفاصيل، فتنطبع في النفس حدة الشراسة التي تمارسها الكائنات البشرية، والتي تبدو وكأنُّها من أكثر الكائنات فتكاً بنفسها وبالطبيعة، فلمْ يمرّ بتاريخ الأرض مَنْ مارس أذىً وعنفا ودمارا ضدها أكثر من هذه الكائنات. واليوم تتخذ اللوحة بعداً جديداً من التأثير والتعبير، لو قرأنا فيها ما يجري في العراق وعليه، فلو افترضنا موضوع اللوحة رمزاً للعراق، باعتباره مهداً لأقدم المجتمعات الزراعية، لما وجدنا معادلاً  فنياً أفضل من هذه اللوحة للتعبيرعمّا يُرتكب، في العراق وضده من عنف وتدمير!
16/08/2013


الخميس، 15 أغسطس 2013

الجمال والأيروس والحياة

Georgi Petrov
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


   أرى، أسمع، أشم، ألمس، أذوق، كيف، وأين تمزج الحواس؟ عصارات الحياة وخمور الجمال. أهي التي يسمّونها((الكلّيّة))؟التي يتعهّد معملها السرّيّ بمعاملة وبمعالجة موارد الحواس اليها. أرى وجهاً جميلاً، أسمع نغماً ساحراً، أشمّ وردةً فواحةً، أصافح صديقاً حميماً، أشرب عصيراً لذيذاً. أقوم بكلِّ ذلك بين الحين والحين، إلاّ أنّني نادراً ما يتاح لي أن أمارس كلّ ذلك، في الوقت ذاته، في حالة واحدة بذاتها. وحدها حالة العشق! مع حبيب حميم، تنصهر فيها كلّ تلك الأفعال وتمتزج في لحظة واحدة وفي حالة واحدة. نَرى ونُرى، نَسمع ونُسمع، نَشمّ ونُشمّ، نَلمس ونُلمس، نَذوق ونذاق، كلّ ذلك يحدث معاً، في لحظةٍ خارقةٍ ومتكثفةٍ، تنهمك فيها ذاتان حتى الأنصهار. وأكثر من ذلك فكل حاسة لا تتعامل مع الذي أمامها فحسب، بل تستدعي كلّ ما أختزنته ذاكرة الحاسة في تاريخها الخاص، من خبرات سابقة معيشة ومتخيّلة. ياه! ما اكثر ما يحتشد من عناصر الكون في هذه اللحظة الكونية الخَلْقِيّة، وما أكثر الأشواق المتراكضة الى بؤرة التحقّق هذه. أليس التواصل بين الرجل والمرأة، هو سرّ أسرار الكون، ونقطة الخلق التي تسعى اليها كلّ مواد الوجود؟ لحظة عبور وارتقاء من حالة المادة الى الحالة الحيّة.
    عندما يمسك الرسام ريشته محاولاً إقتطاع الجمال الكلّي في منظرٍ، يقصر عمله عن إستحضار الكلّي في الجزئي. وعندما يستجمع المغنّي كلّ عذوبة صوته، لتضمينه حالة الحبّ يفشل في تقديم الكلّي المتعدّد في المتتابع من النغم. حتى الوردة يخيب مسعاها في تحقيق ذلك الاقتراب من الجمال الكلّي الحميم. وما العسل إلاّ لعقة لذّةٍ عمياء بكماء!. ولا ينجح المثّال مهما جسّد من مثال للأكتمال في صنع الجمال الكامل. تبقى فنون المسرح والسينما هي الأكثر مقاربة لتمثّل اللحظة الجمالية، لما يحتشد فيهما من حضور العنصر البشري، كأحد أهمّ مقومات العمل الفني. من هنا نستطيع الأمساك بخيط الحياة والجمال، فالأنسان والعلاقة الأنسانية، ولحظتها القصوى علاقة الرجل والمرأة، هي كلمة السر لفهم الجمال كتعبير عن نزوع الحياة الى التحقّق المنفلت من أسر المادة الميتة، ومسار كلّ الأشواق وهي تدور في مدار متكوّر حول لحظة العشق. هذا التوق الذي يصطحب معه كلّ مقتنيات كلّ الحواس، ويمزجها بكلّ ذاكرات الفرد والنوع، ويستعين بكلّ التمثيلات الفنية لينصهر الجمالي بالعشقي في لحظة الأحتفاء الكوني بالحياة!. كم هي فائقة الذكاء هذه الحياة التي توظّف كل عناصر الكون، في تشكيل جمالي يثير ويُلهب كافة أعضاء العشق! لكي تستمر في جهدها المثابر الدائب، الذي يقضم  في كلّ لحظة من جرف الكون، ويحيل مواده الميتة الى حياة أكثر وأكبر وأعمق!. هل هي اللحظة الأيروسية؟ التي تستعين بها الحياة لأستدراج الوجود الميت، الى اللحظة الجمالية ومنها الى لحظة الخَلْق عبورا الى الحياة. الحياة هذا التكثّف المذهل للكون. النقطة التي يسقط فيها الوجود الميت في شرك الحياة، ليقوم حيّاً.وكأن الجمال يستدرج الوجود الميت، الى معمل((الكلّيّة))الحيوي، لينفخ العشق فيه الحياة!                             
                                          05/05/2013

الأربعاء، 14 أغسطس 2013

الحاجة الجمالية

الموناليزا - دافنشي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (( أن الحاجة الجمالية هي من أرسخ الحاجات التي تميّز الكائن البشري، ومن أكثرها ثباتا وقوة.))
إتيان سوريو، الجمالية عبر العصور، ت.د ميشال عاصي، منشورات عويدات، بيروت-باريس ط2 1982، ص315.

   ((وهكذا يبدو حاليا من الأمور الجوهرية إذاً أن يأخذ الانسان بيده المسؤولية الجمالية لملامح الأرض التي يسكنها مثلما يتحمل المسؤولية الاقتصادية والانتفاعية  سواء بسواء.))
المصدر السابق، ص 316.


   لمّا تركّزت عناصر الوجود وتكثفت وتبلورت في الكائن الحي، ارتقى هذا الوجود العضوي إلى درجة من الوجود الحي يختلف في نشاطه وسلوكه وما ينتجه من ظواهر عن الوجود الطبيعي المعهود. وكان من أبرز سمات هذا الوجود ومظاهره هو انفراده بامتلاك خاصية الوعي. هذا الوعي المتفرّد الذي له قوانينه المختلفة عن قوانين الوجود الطبيعي، يتيح لهذا الكائن أن يحلّق وينظر ويتأمّل ذاته، ويبتكر لوجوده المادي صورا، ويبتدع له غايات، ويتلمس له مصيرا مفارقا، ينافس به قوانين السببية المادية للوجود الطبيعي. ويحاول أن يتسامى بهذا الوجود الطبيعي إلى تلك الصور والغايات التي ابتدعها. من هنا كانت الصور والأحلام والخيالات المحلّقة، وكان هذا النزوع الجمالي وهذه الخاصية الجمالية التي انفرد بها هذا الكائن. فكان الفن (بكل أنواعه وأشكاله ووسائل تعبيره المتناسبة مع ما بلغته من تطور وتقنيات). ان الجانب الجمالي للإنسان عنصر أساسي في تكوين الإنسان، تذكّرنا به نشاطاته منذ خربشاته وخطوطه الأولى على جدران الكهوف، وتصويتاته الاولى ودندناته النغمية وهو يلتقط قوته من الثمار، وحتى ارقى ابداعاته الفنية بكافة أنواعها التي تشكّلت من التركيب الجمالي للصورة والصوت. فرسوم الكهوف تحوّلت إلى لوحات آية في الروعة والابداع، وأصواته وتنغيماته الاولى استحالت إلى روائع موسيقية راقية. ومن تمازج هذين العنصرين ( الصورة والصوت ) تعدّدت وتنوعت أنواع وأشكال فنية وأدبية خالدة أخرى، لا يمكن تصور انسان يستغني عن التلذّذ والاستمتاع بها. أمّا النشاط الآخر للوعي فاتّخذ مسارا آخر مستلهما ومتمثّلا للقوانين الطبيعية فكانت المعارف الاخرى بكل فروعها. فلا يكاد يخلو أي نشاط يمارسه أي انسان من هذه السمات الجوهرية التي تميّزه كإنسان عن سائر الموجودات. من هنا كانت الحاجة المعرفية والجمالية من ألصق وأوضح صفات هذا الكائن المتفرّد وجوهره المتميّز في الوجود (وفقا لمعلوماتنا الحالية على الاقل!). فهل تستقيم حياة إنسانية دون ممارسة وإشباع هذه الحاجة الجمالية، المتأصلة في نسيج التكوين العضوي والعقلي والنفسي للإنسان ؟!